1-
تأثير رقعة الاستغاثة
وهي قصة العابد الصالح التقي المرحوم السيد محمد بن السيد عباس العاملي الساكن أيام حياته في قرية (جبشيت) من قرى جبل عامل وهو من بني أعمام السيد النبيل والعالم المتبحر الجليل السيد صدر الدين العاملي الأصفهاني صهر شيخ فقهاء عصره الشيخ جعفر النجفي أعلى الله مقامهما.
وكان قصة السيد محمد المذكور أنه من كثرة تعدي أهل الجور عليه خرج من وطنه خائفاً هارباً من شدة فقره وقلة بضاعته فلم يمكن عنده يوم خروجه إلا ما يسد قوته يومه وأنه كان متعففاً لا يسأل أحداً.
وسارح في الأرض من دهره ورأى في أيام سياحته في نومه ويقظته عجائب كبيرة، إلى أن انتهى أمره إلى مجاورة النجف الأشرف وسكن في بعض الحجرات الفوقانية من الصحن المقدس وكان في شدة الفقر ولم يكن يعرفه بتلك الصفة إلا قليل حتى توفي رحمة الله في النجف الأشرف بعد خمس سنوات من يوم خروجه من قريته.
قال الراوي: وكان أحياناً يراودني وكان كثير العفة والحياء يحضر عندي أيام إقامة التعزية وربما استعار مني بعض كتب الأدعية وكان كثيراً ما لا يتمكن لقوته إلا على تمرات وكان يواظب على الأدعية المأثورة لسعة الرزق حتى أنه ما ترك شيئاً من الأذكار المروية والأدعية المأثورة.
واشتغل بعض أيامه على عرض حاجته على صاحب الزمان (ع) أربعين يوماً فكان يكتب حاجته ويخرج كل يوم قبل طلوع الشمس من البلد من الباب الصغير الذي يخرج منه إلى البحر ويبعد عن طرف اليمين مقدار فرسخ أو يزيد بحيث لا يراه أحد ثم يضع عريضته في بندقه من طين ويودعها أحد نوابه (ع) ويرميها في الماء إلى أن مضى عليه ثمانية أو تسعة وثلاثون يوماً.
قال يوماً بعد رجوعه: كنت في غاية الملالة وضيق الخلق أمشي مطرقاً رأسي، فإذا أنا برجل كأنه لحق بي من ورائي وكان في زي العرب فسلم علي فرددت عليه السلام بأقل ما يرد وما التفت إليه لضيق خلقي فسايرني مقداراً وأنا على حالي، فقال بلهجة أهل قريتي: سيد محمد ما حاجتك؟ يمضي عليك ثمانية أو تسعة وثلاثون يوماً تخرج قبل طلوع الشمس إلى المكان الفلاني وترمي العريضة في الماء تظن أن إمامك ليس مطلعاً على حاجتك.
قال: فتعجبت من ذلك لأني لم أطلع أحداً على شغلي ولا أحد رآني ولا أحد من أهل جبل عامل في المشهد لم أعرفه خصوصاً أنه لا بس الكفية والعقال وليس مرسوما في بلادنا فخطر في خاطري وصولي إلى المطلب الأقصى، وفوزي بالنعمة العظمى وأنه الحجة على البرايا إمام العصر روحي له الفداء.
وكنت سمعت قديماً أن يده المباركة من النعومة بحيث لا تبلغها يد أحد من الناس فقلت في نفسي أصافحة فإن كانت يده كما سمعت أصنع ما يحق بحضرته فمددت يدي وأنا على حالي لمصافحته فمد يده المباركة فصافحته فإذا يده كما سمعت فتيقنت الفوز والفلاح فرفعت رأسي ووجهت له وجهي وأردت تقبيل يده المباركة فلم أر أحداً